جباليا – الإثنين 26 أيار/مايو 2025: في لحظة تختلط فيها رائحة البارود بضحكات الأطفال، وتحت سماء أثقلها الحصار والنزوح، ينبثق الأمل مجددًا في شمال قطاع غزة، وتحديدًا في جباليا التي شهدت موجات متتالية من القصف والدمار والتشريد القسري. وسط هذه الظروف القاسية، تُعلن جمعية مركز إبداع المعلم – شمال غزة عن افتتاح "مركز جباليا التعليمي"، ليكون بمثابة بوصلة جديدة تعيد توجيه أنظار الأطفال نحو مستقبلهم التعليمي، مهما اشتدت الصعاب.
المركز، الذي بات يحتضن 350 طالبًا وطالبة من الصف الأول حتى الصف العاشر الأساسي، يشكّل ركيزة أساسية لضمان استمرارية التعليم للأطفال النازحين الذين فقدوا مدارسهم ومقاعدهم وكتبهم، لكنه لم يُفقدهم إيمانهم بحقهم في التعلم. ويأتي تأسيس المركز ضمن خطة شمولية أعدّتها الجمعية لتقليص الفاقد التعليمي الناتج عن العدوان والنزوح، ولتوفير بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، تستند إلى أسس الدعم النفسي والاجتماعي والتربوي في آنٍ واحد.
يقدّم "مركز جباليا التعليمي" برامج تعليمية نوعية تستهدف المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، إلى جانب أنشطة ترفيهية وتعبيرية تسهم في التخفيف من آثار الصدمة وتعزيز دافعية الأطفال للتعلم والانخراط في بيئة إيجابية. ويؤمن القائمون عليه بأن التعليم في غزة، وفي هذه اللحظة تحديدًا، ليس ترفًا بل ضرورة حياتية لا تقل أهمية عن الغذاء والمأوى والدواء، خاصة في ظل أزمة ممتدة يرزح تحتها جيلٌ كامل من الأطفال.
وتؤكد جمعية مركز إبداع المعلم أن افتتاح هذا المركز يشكّل رسالة تحدٍّ وصمود، ومؤشرًا واضحًا على قدرة المجتمع الفلسطيني، رغم الجراح، على بناء مبادرات تعليمية بديلة تضمن حماية حق الأطفال في التعليم. كما شددت الجمعية على استمرار جهودها بالشراكة مع المجتمع المحلي والمؤسسات الرسمية والدولية لتأمين بيئة تعليمية مستقرة ودامجة تعزّز من فرص التعافي النفسي والمعرفي للأطفال المتضررين.
من تحت الحصار وتحت ظلال أشجار الزيتون التي بقيت شاهدة على الألم والصبر، يجلس الأطفال اليوم على مقاعد جديدة، يفتحون دفاترهم البيضاء وسط ركام الأمس، ويكتبون فصولًا جديدة من قصص الأمل. في جباليا، يثبت الأطفال أن التعليم هو شعلة الحياة، وأنه ما زال هناك متّسع للحلم رغم الألم.