الخليل – 26 أيار 2025
في مشهد يحاكي صناديق الاقتراع الحقيقية وأجواء الانتخابات العامة، نظم مركز إبداع المعلم، وبإشراف قسم الأنشطة الطلابية في وزارة التربية والتعليم، سلسلة من المحاكاة الانتخابية في عدد من المدارس الحكومية، استهدفت طلبة الصف التاسع ضمن مشروع "تعزيز الوعي الانتخابي لدى طلاب الصف التاسع في المدارس الحكومية"، المنفذ بالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية وبدعم من الاتحاد الأوروبي، ضمن المشروع المركزي "الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني".
على مدار الأسابيع الماضية، شهدت 12 مدرسة حكومية في محافظات الوسط والجنوب بالضفة الغربية تنفيذ محاكاة انتخابية متكاملة، هدفت إلى غرس مفاهيم الديمقراطية والمشاركة المجتمعية لدى الطلبة، من خلال تجربة تطبيقية شاملة تحاكي المراحل المختلفة للعملية الانتخابية، بدءًا من تشكيل اللجان والتحضير لليوم الانتخابي، ومرورًا بالحملات الدعائية والتصويت، وانتهاءً بفرز الأصوات وإعلان النتائج.
في محافظة الخليل وحدها، نُفذت المحاكاة في ست مدارس هي: مدرسة ياسر عمرو الثانوية للبنات، الملك خالد الثانوية للبنين، تفوح الثانوية للبنين، بني نعيم الأساسية للبنات، صلاح الدين الأساسية للبنين، ونسيبة المازنية الأساسية للبنات. وقد جرت هذه الأنشطة تحت إشراف قسم الأنشطة الطلابية في مديرية التربية والتعليم بوسط وشمال الخليل، وبمتابعة ميدانية من الأستاذ محمد صبري، منسق مركز إبداع المعلم في منطقة الجنوب، الذي أكد على أهمية مثل هذه المبادرات في تكوين شخصية الطالب وتعزيز قدراته على التعبير عن الرأي واتخاذ القرار.
المحاكاة لم تكن مجرد نشاط صفي، بل تجربة متكاملة ساهمت في تنمية مهارات الطلبة في التفكير النقدي، العمل الجماعي، واحترام الرأي الآخر. كما أتاحت الفرصة للمعلمين والمعلمات لاستخدام العملية الانتخابية كأداة تربوية تفاعلية قادرة على ترجمة المفاهيم النظرية إلى واقع ملموس، يعايشه الطلبة ويتفاعلون معه.
وقد أثنى الطاقم التعليمي في المدارس المشاركة على التجربة، مؤكدين أنها زرعت بذور الانخراط المجتمعي في نفوس الطلبة، وعمّقت فهمهم للدور الفردي في صنع القرار الجماعي، في مجتمع يسعى لبناء مؤسساته على أسس الشفافية والمساءلة والعدالة.
يمثل هذا المشروع جزءًا من رؤية مركز إبداع المعلم نحو تطوير بيئة تعليمية ديمقراطية، تنطلق من المدرسة وتصل إلى المجتمع الأوسع، من خلال تمكين الطلبة من ممارسة حقوقهم المدنية في بيئة آمنة ومحفزة، تُقدّر أصواتهم وتُشركهم في قضاياهم اليومية.
في ظل ما يشهده الواقع الفلسطيني من تحديات سياسية ومجتمعية، تأتي هذه الأنشطة لتعزز من دور المدرسة كمختبر ديمقراطي، ومجال حيوي لبناء وعي طلابي فاعل، يؤمن بالمشاركة وينبذ الإقصاء، ويخطو نحو المستقبل مسلحًا بالمعرفة والإرادة والتجربة.